الغش في الاختبارات

بسم الله الرحمن الرحيم....الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي اشرف المرسلين وخاتم النبيين محمد بن عبد الله ، فقد صدق عندما قال من غش فليس مني...فهل الغش في الميزان فقط...لا بل هناك ما هو اعظم اثما من ذلك وهو غش المجتمع بل غش الامة كلها....فهو أخطر من غش صاحب طعام وضع طعام رديء تحت علبة فقد غش شخصا او اثنين، لكن من غش في الاختبار أو الدراسة فقد غش أمة كاملة، دعونا نتخيل عظم ذلك: تخيل لو أن طالبا قد غش في الهندسة المعمارية وتسني له تخطيط بيت أو تخطيط لقصر او عمارة كيف يكون حال تلك المباني التي شيدت علي جرف هار، وتخيل أن طالبا غش في دراسته للطب البشري...كيف يكون حال المرضي؟! يذكر أن أستاذا في كلية الطب سأل أحد تلاميذه سؤالا،ما تركيز حقنة معينة فقال له 5% ثم تذكر الطالب وقال 5 في الالف فقال له الاستاذ حينما تكون قد تذكرت يكون المريض قد مات،فما بالكم لو نجح طالب في مادة عن طريق الغش، ألا يعتبر هذا غاشا للأمة كلها!!!!!
ولا شك أن غش واحد أعظم من غش أمة...فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من غش فليس مني كما ورد في صحيح مسلم....وسبب ورود هذا الحديث ان صلي الله عليه وسلم مر علي صبرة طعام،فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا،فقال: ما هذا يا صاحب الطعام،قال:أصابته السماء يا رسول الله.قال أفلا جعلته فوق الطعام ليراه الناس؟من غش فليس مني...
وعجبا لما يردده بعض الطلاب...وهو من طرائف فقه الطلاب،وهي قول بعضهم أنا مضطر(والضرورات تبيح المحطورات)..وإن لم أفعل سأرسب في المادة..والله انها من حيل الشيطان...وتلبيسات ابليس...فأي ضرورة تضطره الي الغش؟..
فهل يسوغ الكسل يمثل هذه الأعذار؟؟؟!!
فالطالب المجد ليس بحاجة الي الغش...ثم لو قدر أن المادة صعبة...وأن الطالب لا يفهمها..فأي ضرورة تلك التي تضطره الي الغش؟ اخواني ان الضرورات لا تبيح كل محظور...فالزنا مثلا لا يبيحه اي عذر كان...وقد أكل أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أوراق الشجر حتي تقدحت أشداقهم، ولم يأذن لهم رسول الله مع هذه الضرورة بالتعامل بالربا . فليست كل ضرورة تبيح كل محذور...وليس كل محذور يباح من أجل الضرورة...هذه من جهة.................
ومن جهة ثانية.....
أن الضرورة هي ما يخاف فيها الإنسان على نفسه من الهلاك أو على أهله وولده أو على ماله....فأي ضرر يصيب الانسان ان لم يغش في الامتحانات...قد يتأخر سنة دراسية...أو يتأخر نجاحه الي الدور الثاني ونحو ذلك،...الا ان الطالب الذي قد يخفق لا يخاف علي نفس ولا علي مال ولا علي ولد! بل بالعكس قد يكون في اخفاقه شحذ همة واعلاء عزيمة وصيحة نذير له..ان يفيق من رقدات الغفلة..ان يعلم ان يعلم ان المعالي لا تنال بالاماني!وان من اراد الراحة ترك الراحة!
وصاحب الطعام الذي وضع الطعام المبلول أسفل الإناء ، أو أسفل كومة الطعام ، لم يَقُل إنه مُضطرّ لِبيع طعامه لأجل إطعام عياله .. وقد يكون بائع الطعام أحوج إلى تحصيل المال من طَالِبٍ يُريد النجاح ..
ومع ذلك لا يسوغ له ذلك الغش...رغم ان الطعام قد اصابه البلل بدون ارادة منه...لم يكن يقصد الغش أصلا..فما بالك بمن يغش متعمدا...فهو آثم بلا شك...وغاش بلا ريب....ومن غشنا فليس منا............وجاء أيضا في الحديث الشريف.....
"من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله تعالى، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة "
ومعني هذا الحديث ان من تعلم العلم ليس لوجه الله تعالي ورضاه،بل ليقال عنه فلان صاحب المجموع الفلاني ومن أجل الجاه..لم يجد عرف الجنة يوم القيامة اي ريحها....فهل العلم الناتج عن الغش ابتغاء لرضا الله عز وجل ام خوفا من الرسوب وهربا من الفضيحة وليقال عنه فلان الفلاني صاحب المجموع الفلاني؟؟؟!!!
ومع هذا كله فانت قد جعلت الله أهون الناظرين اليك...(يعلم خاننة الأعين وما تخفي الصدور)....تخاف من المراقب الذي أمامك ولا تخاف من الله الذي يراك...
كم من طالب لو وقف مراقب بجواره أصبح يرتجف رعبا والعرق ينصب منه...ولكن اذا ابتعد المراقب جاءت النظرات وجاءت المحاولات للغش..
تخيل أنت هكذا تقر وتعترف بأن الله عندك أهون من المراقب وأنك تخشي المراقب أكثر وأعظم من الله...واعلم ان الشهادة التي سوف تأخذها مزورة...وبالتالي الراتب الذي سوف تأخذه حراما....سوف يكون مالك من حرام...تغذي أولادك من حرام...وزوجتك من حرام....
ونقطة أخري:هي أن بعض الطلاب يقول انه لايغش ولكن يغشش غيره....هذا اخطر واعظم...فانك ان عششت وحصلت علي شهادة مزورة ثم تبت فتصحح شهادتك أما هو فمن اين لك أن تتأكد من توبته فيما بعد؟؟؟!!!!
ونقطة أخري:أن بعض الطلاب يري زميله يغش ويسكت ويقول هذا ليس من شأني...بالعكس فهو شيطان أخرس...فعليه نصيحته فان ام يستجب فليبلغ المراقب وان لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يخشي الا الله....
فلتعلم أخي الكريم: عليك أن تراقب الله في كل شيء وتعلم ان روحك الي بين جنبيك انما هي بيد الله وأنفاسك التي تتردد في صدرك هي بيد الله، فاتق الله ولا تجعل الله ينظر اليك وانت تعصيه...(واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون)...تذكر أن الأمانة شوف تنصب علي جنب الصراط...والغش ينافي الأمانة منافاة تامة..(انا عرضنا الأمانة علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحمله الانسان انه كان ظلوما جهولا)..
وجزاكم الله خيرا...................